علاج التوحد بالغذاء

علاج التوحد بالغذاء
علاج التوحد بالغذاء

التوحد من أهم الحالات المدمرة التى لا تؤثر فقط على الأطفال، بل أيضا على جميع أفراد الأسرة. إن عجز الطفل عن أداء أبسط احتياجاته اليومية وعدم قدرته على التواصل اجتماعيا مع العالم الخارجى، بل وأيضا عدم قدرته على التعبير عن نفسه أو احتياجاته داخل أسرته يؤدى حتما إلى خلق أسرة غير فاعلة فى المجتمع، وحالة من الإحباط واليأس بداخلها.

إن النظرة لحالات التوحد على أنها أمراض عصبية المنشأ بدأت تتهاوى الآن. أحدث الأبحاث العلمية والتجارب الإكلينيكية الحالية بدأت فى الكشف عن الأسباب الكامنة الحقيقية وراء هذه الحالات التى أصبحت ظاهرة متصاعدة عاما بعد الآخر.

إن هذه الأبحاث أثبتت أن الخلل ينشأ من اضطراب بيوكيميائى داخل جسم الطفل؛ لذلك أصبح التوحد يعرف بأنه مرض عضوى تظهر أعراضه فى شكل اضطرابات سلوكية وسيكولوجية.

ما دور وحجم التدخل الغذائى؟ لا يوجد حل واحد يناسب الجميع؛ فهؤلاء الأطفال لديهم استعدادات وراثية مختلفة، ثم تم تعرضهم لظروف بيئية متفاوتة، مما أدى إلى اختلاف كبير فى نوع وحجم الخلل البيوكيميائى والعضوى لديهم، لكنهم فى نهاية المطاف فى نفس الفصل يتلقون نفس العلاج السلوكى والتأهيل النفسى. وفقا لذلك فإن نوع التدخل الغذائى والبيولوجى المطلوب يختلف من طفل لآخر. إجمالا، الهدف فى التدخل هو تصحيح المسار البيوكيميائى مثل التمثيل الغذائى للمثيونين، أو تعويض النقص الشديد فى بعض العناصر الغذائية المهمة التى تعجز أجسادهم عن امتصاصها واستغلالها بشكل كامل مثل فيتامين «بى 12» و«بى 6» والماغنسيوم، أو استبعاد بعض البروتينات المؤثرة سلبا على الجهاز الهضمى، أو علاج اضطرابات الجهاز الهضمى الحادة، الخطة العلاجية تعتمد بشكل أساسى على التشخيص الدقيق للأسباب المؤدية للحالة.

ما الرابط بين الجهاز الهضمى والمخ؟ عندما يولد الطفل تكون أمعاؤه معقمة تماما، وفى حالات الولادة الطبيعية والإرضاع الطبيعى الفورى مع لحظات الميلاد الأولى، يتلقى الطفل المناعة الطبيعية وخط الدفاع الأول للأمعاء. كما يتلقى أنواعا متنوعة من البكتيريا الصديقة التى تشكل جزءا من المناعة للأمعاء عندما تتكاثر مكونة مستعمرات داخلها، وبالتالى نضمن البيئة الصحية داخل الأمعاء والتوازن الصحى للبكتيريا والخمائر (ميكروبيوتا). لقد تم اكتشاف أن الأطفال المصابين بالتوحد لديهم خلل شديد فى هذا التوازن، ما يؤدى إلى التهابات فى الجهاز الهضمى وإفراز لكميات كبيرة من السموم من خلال البكتيريا والخمائر الضارة، تسرب السموم إلى الدورة الدموية ومنها إلى المخ ويحدث بعض الأعراض المتعارف عليها لدى حالات التوحد، بالإضافة إلى تعطيل عمليتى الهضم والامتصاص بشكل سليم مما يزيد الحالة تعقيدا.

كان هذا جزءا صغيرا من المعادلة؛ فهناك أطفال متوحدون وُجد لديهم نقص شديد فى الإنزيم «دى بى بى 4» المسئول عن تكسير بروتين الحليب وبروتين الجلوتن الموجود بشكل رئيسى فى القمح، وعندما تتسرب أجزاء من هذه البروتينات إلى المخ من خلال الدورة الدموية، تتفاعل مع مراكز معينة فيه لتحدث تأثيرا مشابها لتأثير المورفين، وبالتالى تتشابه بعض أعراض التوحد مع مدمنى المورفين، مثل الانعزالية وتدنى الإحساس بالألم والاهتزاز بشكل متكرر وردود الفعل غير المناسبة للموقف والهوس.

أيا ما كان السبب: خلل فى مسار بيوكيميائى، أو نقص شديد فى عناصر غذائية مهمة، أو عدم القدرة على هضم بروتينات بالكامل، أو خلل فى البيئة الحيوية للأمعاء، أو زيادة نسبة المعادن السامة فى الجسم مثل الزئبق والرصاص، أو زيادة نسبة الأكسدة فى الجسم، فإن المعامل المتخصصة قد أضاءت لنا الطريق، فأصبح من السهل تحديد نوع الخلل وحل المعادلة، فما كان بالأمس مستحيلا أصبح اليوم ممكنا، فمن الممكن علاج التوحد اليوم كأى مرض عضوى آخر، وأيضا بالإمكان التدخل أثناء الحمل لحماية الجنين من التوحد بالتغذية السليمة وبعض المكملات الغذائية.

0 التعليقات:

إرسال تعليق